مســـانـــدة بالأثــــر الرجــــعي

Publié le par Blog.Bazar.Bavard

CoalitionRetro

الأحزاب السياسية الفرنسية اليمينية المتطرفة و شخصيات لها باع في تقمص ألوان سياسية في دولة فرنسا و أخرى إعلامية تخرج عن أعراف الدولة و مبادئها و تضرب، عرض الحائط، بأخلاقيات المهنة، لتخترق إلى حد بعيد مجالات صلاحياتها المخولة لها في رسم سياسة الدولة و توجهاتها إلى انتهاك بروتوكولات الجمهورية الخامسة بإظهار معارضة متشددة لسياسة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند و حكومته في الداخل و الخارج بشكل غير مألوف، و ما يشد الإنتباه أكثرهو المساندة و التغطية الإعلامية الواسعة التي حظيت بها، تلك الشخصيات، و هي تلقي، بمنتهى العبث، بخطابات مسنونة منقطعة النظير جمعت بين الكلمات المحظورة دبلوماسيا و الإشارات الجسدية الممقوتة أخلاقيا، أمام الرأي العام الفرنسي و العالمي، بإسراف وتعنت لأي مقاربة فرنسية- جزائرية بإمكانها أن تتمخض بصداقة الطاولة الطويلة، خاصة بعد أن أظهر الرئيس الفرنسي النوايا الحسنة - لفرنسا، الدولة - في تقريب الرؤى حول المسائل العالقة على جدران التاريخ بعد خرجته الغير متوقعة حينما اعترف بمجازر 17 أكتوبر1961.  هذه الزلة الدبلوماسية بالنسبة لأطياف سياسية فرنسية، اعتبرت خطوة ملحوظة من طرف العارفين بحقول السياسة و وصفت بالإإيجابية - لوهلتها الأولى،  نحو شراكة واسعة دائمة مع الجزائر، الجنة المفقودة و الأرض الموعودة.
الخرجات الحركية الأخيرة لوزير الدفاع الفرنسي السابق و وريثة الحزب اليميني المتطرف لها دلالاتها و أهدافها، لكن التوقيت المتزامن مع الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر خلال الأيام القليلة المقبلة، يشير إلى أن الهدف من هذه الحملات القذرة هو تعطيل مشاريع فرانسوا هولاند و من خلاله إدارة الدولة و مؤسساتها من المضي قدما في المصالحة التارخية، وجوبا لوضع حجر الأساس الذي لا مناص منه لبناء الثقة مع دولة الجزائر و الخروج بهذه العلاقة من دائرة الصديق الإختلاقي (
L'ami imaginaire  ).


لا شك في أن خطاب، أصحاب الحقد الموروث في فرنسا، كان له وقع سيئ على مشاعر الشعب الجزائري و مخدش لكرامته، لكنه لم يكن له وقع الصدمة الذي أريد له, فرغم ما يتغرد به ممجدي الإستعمار، بأن فرنسا صدرت الحضارة لمستوطنتها الجزائر و شيدت البنى التحتية و أقامت العمران فيها خلال 132 سنة من رضاعتها للبقرة الحلوب، على أساس "من لحيته بخر له" كما يقول المثل الشعبي الجزائري، و إذا اعتبرنا هذا المبدأ "الرضاعة" فإنها تكون بذلك قد شربت العقلية الجزائرية كما تطعم الجزائري من عقليتها على قدر رعايتها، و بذلك تكون فرنسا اليوم من صنع الجزائر و ليس العكس، و أن الشعب الجزائري يعلم نظيره الفرنسي أكثر مما يعلمه هو عن نفسه، و أن أي تصرف فيه لباقة و مجاملة من الطرف الفرنسي سيكون أدعى للريبة و الشك.

 

 

القراءة العادية لمثل هذه الأخبار العابرة للبحار من جار جار يقع على مرمى حجر تحركنا وجدانيا و تجعلنا ننفعل و نتفاعل مع الحدث وفق ما تمليه الحماسة و تخلق في الجزائري عقيدة متناقضة تجاه فرنسا الدولة اليسارية حاليا المتوددة للجزائر و فرنسا اليمينية المتطرفة الحقودة، هذا التناقض الذي سيرتد على مشاعر الرأي العام الجزائري و سلطته و يجعله رخوا و مطاطا و يفرض عليه رد فعلين متناقضين سيحسب أحدهما له و الآخر عليه، و يفرض على الجزائر دولة و شعبا، في آن واحد:

 

- التعاطف مع فرنسا اليسارية، لتسريع الدفع قدما نحو شراكة واسعة النطاق مع تحفيز الطرف الجزائري إلى تقديم الدعم الذي يرجوه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند،

 

- بذل كل مجهود لإنجاح مساعي الرئيس شماتة ممن يريد عرقلة المشاريع المشتركة بين فرنسا و الجزائر و القفز فوق طموحاتهم كرد إيجابي على من سولت له نفسه استصغار دور الدولة الجزائرية الاستراتيجي و الجيوسياسي.

هذا ما يمكن أن يتمخض من خلال القراءة العادية للأحداث، أما قراءة الخبرة فسوف تلخص المسرحيات السياسية التي تلعب تحت "قوس النصر" في مجرد لعبة قذرة من الطليقة فرنسا لتغمس يدها في جرة العسل التي حوزة الجزائر و التي ستمكنها من الخروج من مستنقع الإنفجار الإجتماعي و وحل الأزمة المالية، مع إحراج الجزائر و جر رجليها إلى رمال متحركة (
sables mouvantes  )، في حرب استنزاف لقدراتها المالية و العسكرية و البشرية، في الجنوب،

من خلال هذه القراءة يتضح لنا أن ما سبق من تصرفات اليمنيين في فرنسا لم يكن إلا مساندة بالأثر الرجعي لرئيس الدولة التي يمارسون فيها حقوقهم المشروعة.

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article